في يومها الدولي.. "محو الأمية" أداة تمكين لتعزيز حقوق الإنسان وتحقيق التنمية المستدامة

في يومها الدولي.. "محو الأمية" أداة تمكين لتعزيز حقوق الإنسان وتحقيق التنمية المستدامة

يحيي العالم، اليوم الدولي لمحو الأمية في 8 سبتمبر من كل عام، منذ عام 1967، حيث أعلنت "اليونسكو" في دورتها الـ14 في أثناء مؤتمرها العام، الذي عُقد في 26 من أكتوبر عام 1966م (8 سبتمبر) يومًا دوليًا لمحو الأمية، بغرض تذكير المجتمع الدولي بأهمية تعلُّم القراءة والكتابة للأفراد، وكذلك بهدف التأكيد على الحاجة لتكثيف الجهود المبذولة نحو الوصول إلى مجتمعات أكثر إلمامًا بمهارتي القراءة والكتابة.

وتعد القدرة على القراءة والكتابة حقا أساسيا من حقوق الإنسان، لأنها تُتيح الفرصة أمام إعمال حقوق الإنسان الأخرى، والتمتع بحريات أكبر والانخراط بالمواطنة العالمية.

وترتكز الشعوب على محو الأمية لإثراء معارفها واكتساب مهارات أوسع نطاقاً وقيم أعظم أثراً ومواقف وسلوكيات أعم وأشمل من أجل ترسيخ ثقافة سلام دائم يسودها احترام المساواة وعدم التمييز وسيادة القانون والتضامن والعدالة والتنوع والتسامح، فضلاً عن تكوين علاقات قوامها الوئام مع النفس ومع الآخرين ومع الكوكب.

وللأسف، يوجد شخص واحد على الأقل من بين كل سبعة أشخاص تبلغ أعمارهم 15 عاماً وما فوق (أي 754 مليون نسمة) غير ملم بالمهارات الأساسية لتعلُّم القراءة والكتابة في عام 2022، ولدى ملايين الأطفال أيضاً صعوبة في إتقان أدنى المستويات من إجادة القراءة والكتابة والحساب، في حين أنَّ ما يقرب من 250 مليون طفل تتراوح أعمارهم من 6 إلى 18 عاماً غير ملتحقين بالمدارس.

تاريخ اليوم الدولي

أعلنت "اليونسكو" في دورتها الـ14 في أثناء مؤتمرها العام، الذي عُقد في 26 من أكتوبر عام 1966م (8 سبتمبر) يومًا دوليًا لمحو الأمية، بغرض تذكير المجتمع الدولي بأهمية تعلُّم القراءة والكتابة للأفراد، وكذلك بهدف التأكيد على الحاجة لتكثيف الجهود المبذولة نحو الوصول إلى مجتمعات أكثر إلمامًا بمهارتي القراءة والكتابة.

وقد جاءت فكرة هذه المناسبة الدولية نتاجًا لفعاليات المؤتمر العالمي لوزراء التربية، الذي عُقد في العاصمة الإيرانية طهران بشأن محو الأمية في يومي 18- 19 سبتمبر من عام 1965م، وقد خلص التقرير الختامي للمؤتمر إلى ضرورة تغيير السياسات الوطنية التعليمية، لتحقيق التنمية في العالم الحديث، واستقلال عدد كبير من البلدان، والحاجة إلى تحرر الشعوب تحررًا حقيقيًا، ولضمان المشاركة الفاعلة والمنتجة في الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية للمجتمع الإنساني خصوصًا في ظل وجود مئات الملايين من الأميين البالغين في العالم.

الاحتفالات في عام 2024

يتمحور الاحتفال باليوم الدولي لمحو الأمية هذا العام حول موضوع "تعزيز التعليم متعدد اللغات: محو الأمية من أجل التفاهم المتبادل والسلام"، حيث الحاجة إلى تسخير قدرة محو الأمية على التغيير في تعزيز التفاهم المتبادل والتماسك الاجتماعي والسلام.

وتُعتبر التعددية اللغوية في عالمنا المعاصر ممارسة شائعة لدى الكثيرين، مما يجعل من تمكين الناس من خلال اعتماد نهج قائم على اللغة الأولى ومتعدد اللغات لتطوير التعليم وتنمية مهارات القراءة والكتابة أمراً فعالاً بصورة خاصة نظراً إلى ما يحمله من فوائد إدراكية وتربوية واجتماعية واقتصادية، ويمكن أن يساعد هذا النهج في تعزيز التفاهم والاحترام المتبادلين، مع ترسيخ الهويات المجتمعية والتاريخ الجماعي.

وسيتناول اليوم الدولي لمحو الأمية لعام 2024 سلسلة من القضايا المتعلقة بمحو الأمية في سياقات متعددة اللغات لتحقيق سلام دائم، وسيستكشف الحلول الممكنة لتعزيز سياسات ونظم وتدابير وبرامج وممارسات التعلم مدى الحياة، وسيُنَظَّم الاحتفال باليوم الدولي لمحو الأمية، حضوريا وعبر الإنترنت على المستوى العالمي والإقليمي والوطني والمحلي.

وسيقام الاحتفال العالمي يومَي 9 و10 سبتمبر 2024 في ياوندي، الكاميرون، إذ سيجري تنظيم مؤتمر عالمي وحفل توزيع جوائز اليونسكو الدولية لمحو الأمية، وستُنظّم أيضاً سلسلة من الفعاليات الجانبية، مثل الاجتماع السنوي للتحالف العالمي لمحو الأمية في إطار التعلم مدى الحياة، واجتماعات البحوث العملية لقياس نتائج تعلّم المشاركين في برامج محو الأمية وبرامج التعليم البديل، وشبكة اليونسكو العالمية لمدن التعلم.

وسيسلط الاحتفال الضوء على خطة محو الأمية في الكاميرون وإفريقيا في سياقات متعددة، من بينها سنة الاتحاد الإفريقي للتعليم.

أهداف اليوم الدولي لمحو الأمية

تحسين المهارات الأساسية للقراءة والكتابة باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من الحق في التعليم الذي يستحقه كل إنسان ويمكّنه من فهم كل أمور الحياة وتفسيرها، كما يسهل التواصل، ويسمح بالإبداع في عالم يسوده الطابع الرقمي.

كما يهدف محو الأمية إلى تحقيق التنمية المستدامة، حيث إنه يتيح المشاركة في سوق العمل، وتحسين الأحوال الصحية والاقتصادية والحد من الفقر، فضلًا عن توفير المزيد من فرص الحياة الكريمة.

جوائز اليونسكو

تسعى اليونسكو إلى دعم الجهود الفعالة التي تسير نحو محو الأمية في المجتمعات، توجد جائزتان دوليتان تقدمهما اليونسكو لدعم محو الأمية:

- جائزة اليونسكو (الملك سيجونغ) لمحو الأمية (ثلاث جوائز)، وقد أنشئت هذه الجائزة في عام 1989م بدعم من حكومة جمهورية كوريا، تولي هذه الجائزة اهتمامًا خاصًا بمحو الأمية للغة الأم، يحصل كل فائز على ميدالية وشهادة ومبلغ 20 ألف دولار.

- جائزة اليونسكو (كونفوشيوس) لمحو الأمية (ثلاث جوائز)، وتم تأسيسها في عام 2005م بدعم من حكومة جمهورية الصين الشعبية، وهذه الجائزة تولي اهتمامًا خاصًا لمحو الأمية الوظيفية، والاستفادة من البيئات التكنولوجية، لدعم البالغين في المناطق الريفية والشباب الذين لم يلتحقوا بالمدارس، الجائزة عبارة عن ميدالية وشهادة و30 ألف دولار.

وفي اليوم الدولي لمحو الأمية، نستذكر أهمية التعليم كحق أساسي من حقوق الإنسان وكمحرك رئيسي للتنمية المستدامة. على الرغم من التقدم الهائل الذي أحرزته المجتمعات في العقود الأخيرة، فإن الأمية لا تزال تحدياً كبيراً في العديد من أجزاء العالم، حيث يعاني ملايين الأشخاص من نقص في المهارات الأساسية للقراءة والكتابة، هذا الحرمان لا يؤثر فقط على الأفراد، بل يمتد تأثيره ليشمل المجتمعات بأسرها، حيث يُعيق النمو الاقتصادي، ويُفاقم الفقر، ويُعزز التمييز الاجتماعي.

ويجب أن ننظر إلى الجهود العالمية والمحلية المبذولة لمكافحة الأمية، منظمات دولية كاليونسكو والحكومات والمؤسسات غير الحكومية تعمل دون كلل لتوفير التعليم للجميع، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالتعليم الجيد والشامل، تتضمن هذه الجهود تقديم برامج تعليمية مبتكرة، ودعم المعلمين، وتوفير الموارد التعليمية الضرورية، بالإضافة إلى التوعية بأهمية التعليم في تحقيق التنمية الشاملة.

إن الاحتفال باليوم الدولي لمحو الأمية ليس مجرد مناسبة للاحتفاء بالتقدم المحرز، بل هو أيضاً دعوة للعمل الجاد والمستمر لضمان أن يتمكن كل فرد من الوصول إلى حقه الأساسي في التعليم، هو فرصة للتذكير بأهمية التعاون العالمي والمحلي لتحقيق مجتمع أكثر عدالة واستدامة، حيث تكون الأمية جزءاً من الماضي، وحيث يكون التعليم نوراً يضيء دروب المستقبل، في هذا اليوم، نلتزم جميعاً بتجديد العهد نحو مستقبل أكثر إشراقاً من خلال تعزيز التعليم ومحو الأمية في جميع أنحاء العالم.



 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية